fbpx

الدواء المعجزة: قصة البنسلين

المشروم اكثر تنوعا وتعقيدا مما يبدو عليه، غامض وغير معروف، ولكن لديهم القدرة على التأثير على حياتنا بطرق غير متوقعة، واحد من ابرز العروض لتلك القدرة تأخذنا الى مكان بعيد الاحتمال، فاختراع المضادات الحيوية كان مغير لقواعد اللعبة، للطب و الجنس البشري ، ونحن مدينون جميعا للفطريات.

الحرب ضد البكتيريا

بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤ تطوع الطبيب الاسكتلندي الشهير "الكسندر فليمنج" للعمل في القوات المسلحة البريطانية، ليتعين ضابطا طبيبا في الخدمات الطبية الملكية ، خلال الحرب لاحظ "فليمنج" سقوط الكثير من الجرحى و المصابين الذين يقاسون اشد العذاب من آثار الجروح نتيجة تراكم البكتيريا التي تسمم الدم و تعرض المصابين لاخطر الأمراض و تؤدي في النهاية لوفاتهم ، لذلك عندما انتهت الحرب وعاد الدكتور فليمنج الى مستشفى "سانت ماري" كان عازما على ايجاد عقار يساهم في تخفيف آلام المصابين بالبكتيريا.

من عفن غريب لدواء عجيب

في سبتمبر عام ١٩٢٨ كان الكسندر فليمنج ينفذ بحثا في سانت ماري حيث كان يدرس بكتيريا "المكورات العنقودية" قبل ان يتوجه في عطلة تاركا الميكروبات في اطباق ايجار تحتوي على غذاء لها ، يتوقع منها ان تنمو وتتطور بينما كان بعيداً.

الاهمية لم تغب عن فليمنج وهذه قد تكون طريقة جديدة لمحاربة عدوى البكتيريا داخل جسم الانسان، هكذا اكتشف اول مضاد حيوي في العالم " البنسلين" وقد حدث ذلك فقط بفضل بعض الابواغ الصغيرة من الفطريات التي تحمل مع النسيم، وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية ظل العلماء يحاولون استخلاص مادة "البنسلين" بصورة تساعد على انتشاره.

عندما عاد فليمنج من عطلته لاحظ شيئا غريبا قد حدث، حيث ان عينته من البكتيريا كانت ميتة ، وحل مكانها طبقة من العفن تشبه تماما ذلك العفن الذي يحدث للخبز، لقد دمرت تماما بالفطريات، كان فليمنج مأسورا بما حدث، وتساءل عن سبب قتل هذه البكتيريا حول المنطقة المحيطة بالعفن.

تطور مادة البنسلين

وكانت اول تجربة على انسان عام ١٩٤١ بمستشفى جامعة "أكسفورد"، حيث كان يرقد في المستشفى رجل بوليس اصيب بجرح اهمل في علاجه ، فتسممت الدورة الدموية وارتفعت حرارته واصبح في غيبوبة ينتظر الموت، في ذلك الوقت استطاع الأطباء استخراج كمية معينة من البنسلين تكفي لملء معلقة شاي صغيرة بتكاليف باهظة وصعوبة بالغة.

وكمحاولة اخيرة قرر الاطباء ان يحقنوا المريض بهذه الكمية، فياتى البنسلين بمعجزة وتتحسن حالة المريض وتنخفض حرارته، لكن بسبب عدم توافر الكمية الكافية لاستكمال العلاج ، لم يستطيعوا انقاذه ومات.

توسيع الانتاج في الولايات المتحدة الأمريكية

بعد ذلك الحادث اخذت الحكومة البريطانية بالاستعانة بالولايات المتحدة الأمريكية في استخلاص البنسلين من السائل الفطري، وعمل التجارب التي تساعد في انتاجه بكميات كبيرة، بعد نجاحهم في تحقيق هذا الهدف، نزل "البنسلين" في ميدان القتال، وانقذ حرفيا عشرات الالف من حياة الجنود، وذادت شهرته عندما اصيب المستر "تشرشل "بالتهاب رئوي - نيمونيا"، وعولج "بالبنسلين"، كما استخدم في علاج "الدفتيريا" و "السيلان" هذه الامراض التي كان يقاسي العالم من ويلاتها لسنين طويلة

كيف كان الفضل للفطريات

مثل البنسلين تنتجه الفطريات كجميع انواع الانزيمات، وكأنها حربا كميائية، لتحارب بها منافسة الكائنات الاخرى على الطعام، كالبكتيريا و الفيروسات و الفطريات الاخرى، ذلك ما يجعل المضادات الحيوية فعالة فالمواد الكميائية التي تفرز من الفطريات، مثل البنسلين، تفرزه الفطريات لقتل المنافسين لها، وعندما نأخذها تقتل البكتيريا بداخلنا
كان البريطانيين و الأمريكان لديهم البنسلين، وليس الألمان و اليابانيين. اقترح ان نجاح بريطانيا و امريكا في تسخير سلالة من "البنسلين"بكميات كبيرة، كان له تأثيرا كبيرا في الفوز بالحرب العالمية الثانية ، ثم حصل فليمنج على جائزة نوبل عام ١٩٤٥ لتقديمه اعظم عقار في تاريخ الطب الحديث
قال فليمنج اثناء استلام جائزته" اينما اذهب يشكرني الناس على انقاذ حياتهم... انا لم افعل شيئا.... الرب سخر الطبيعة لتصنع " البنسلين" ... أما انا وجدته بالصدفة"