المسيليوم جزء معقد وساحر من الحياة الفطرية ، بنظامه المزهل و الهائل من الوظائف و التكيفات التي تجعله احد اكثر الانظمة اهمية و اثارة للاهتمام في العالم الطبيعي
ما هو الميسيليوم
كلمة "ميسيليوم" تعني حرفيا «أكثر من واحد» إنه في الواقع جمع لكلمة Mycelia، للكلمة أصول لاتينية ويونانية وقد صيغت لأول مرة في النصف الاول القرن التاسع عشر، وتشير الى الجزء الذي يشبه الخيط للفطر او الهيفات" هيفا - Hyphea" وهو جزء التغذية للفطريات، ويمكن ان تنمو هذه الخيوط وتنتشر على مسافات كبيرة حتى في الابعاد الثلاثة، مشكلة شبكات معقدة تمكن الفطريات من استغلال و استكشاف المحيط حولها، وبمجرد ان تجد مصدر للغذاء تشكل ما نسميه بالميسيليوم ، فالميسيليوم هو الجزر الفطري او اذا صح التعبير، الجسم المثمر للكائن الحي، او كالشجرة و المشروم هو التفاح .
وظيفة المسيليوم في دورة حياة عيش الغراب "المشروم"
المسيليوم مهم ايضا فى نشر و تكاثر العديد من الفطريات، على سبيل المثال، يتم انتاج ثمار الفطر كالمشروم، عن طريق المسيليوم، الذي يصل لمستوى معين من النضج و واجه ظروف بيئية منسبة، هذه الثمار" عيش الغراب" بدورها تنتج ابواغ تنتشر بواسطة الرياح ا الماء او وسائل اخرى، مما يسمح للميسيليوم باستعمار مناطق جديدة، فلا يتكاثر الفطر عن طريق البذور أو يجمع الطاقة عن طريق التمثيل الضوئي مثل النباتات، بل يتكاثر عن طريق الابواغ، فتنبت هذه الأبواغ لإنتاج كتلة من الخيوط المتشابكة أحادية الخلية على نطاق واسع والمعروفة باسم الخيط الفطري او hyphae. فالمشروم او عيش الغراب الذي نأكله هو في الواقع مجرد جزء صغير مرئي من الكائن الحي، و الجزء الاكبر منه وهو الميسيليوم يعيش داخل ركيزة ( تربة، خشب، قش، حبوب..الخ).
اين تجد المسيليوم
يستطيع المسيليوم ان يعيش للابد، طالما لديه الغذاء الذي ينموا فيه، فلك ان تتخيل انه منتشر في كل مكان و تحت كل خطوة تخطيها في الغابات، وبعضه يمكن ان يعيش في ظروف بيئة قاسية، كالصحراء او الانتارتيكا، لذلك ليس من الغريب ان اقدم واكبر كائن حي فردي معروف على الارض هو ميسيليومفطر العسل - Honey fungus، في جبال شرق ولاية " اوريجون" بعمر 2400 سنة ومساحة 2200 فدان، ويقتل ببطء الأشجار الموجودة في الغابة.
الميسيليوم و النبات
في اي مكان يرتبط الميسيليوم علاقة حميمية وخاصة جدا ب 70% الى 90% بجميع النباتات على وجه الارض، يربط نفسه بجذور النباتات ، اما عن طريق اختراق الجذور واما بتغليفها من الخارج، وتاتي هنا عملية تبادل الغذاء بين الميسيليوم و الجذور ، هذه العلاقة التكافلية تعمل في كلا الاتجاهين ، فالميسيليوم يتغذى على السكريات التي ينتجها النباتات من التمثيل الضوئي ، في المقابل يعطى النباتات المياه و المعادن، و التى تعجز عن الوصول بنفسها لما يكفيها من التربة، فيصنعون معا نباتا افضل و تربة افضل، انه مكسب لكليهما، في الحقيقة انه مكسب للعالم باسره. يمكن للمسيليوم – الذي يكون بحجم مترمثلا- ان ينمو له تريليونات التفرعات النهائية، كشبكة الانترنت في تصميمه وعمله ايضا، فهل تساءلت يومًا كيف تنمو الشتلة في ظل غابة حيث يصل القليل جدًا من الضوء إلى أوراقها القليلة ؟
تعتمد الشتلة على العناصر الغذائية من الأشجار الأقدم والأطول التي يتم إرسالها عبر شبكة " الميكوريزا - Mycorrhiza "المسيليوم" للبقاء على قيد الحياة والازدهار. في الواقع، تشير دراسة أجريت على أشجار تنوب دوغلاس، بشكل مثير للدهشة، إلى أن الأشجار تتعرف على الأطراف الجذرية لأقاربها وتفضلهم بارسال الكربون والمغذيات و المعلومات عبر الشبكة الفطرية، فتكون بمثابة شبكة تواصل.
الشبكات التي تشكلها بين النباتات معقدة، وغالبًا ما تتكون ليس فقط بين نباتات متعددة ولكن بين أنواع متعددة، بينما تتصرف الفطريات لمصلحتها الخاصة، فإنها تساهم في صحة وبقاء حتى أكبر الأشجار! تعد الشبكة الفطرية أمرًا بالغ الأهمية لتزويد العناصر الغذائية التي تمنح الحياة والتي تحافظ على صحة غاباتنا، انه شيئا ساحرا، لا يمكن ان يحدث بدون الفطريات.
بشكل عام ، الميسيليوم هو موضوع معقد ورائع لا نهاية له مع مجموعة من الوظائف و القدرات التكيفية التى تجعله احد اهم الانظمة و اكثرها اثارة للاهتمام في العالم الطبيعي، وتاكد ان هناك دائما المزيد لتتعلمه عن هذا الجزء الرائع للحياة الفطرية