جدول المحتويات
عيش الغراب او المشروم هو عالم غريب من اشكال الحياة القوية و القديمة، انها ليست نباتاتات او حيوانات ،لكنها تنتمي لمملكة مميزة تسمى الفطريات، وبالرغم من ان انواع الفطريات اكثر عددا من انواع النباتات - التى تقدر بالملايين - الا انه حتى الان، وبعد عقود من البحث ، مازلنا نعرف القليل جدا عن هذه المخلوقات ، ولا يزال العلم الحديث يتعمق في البحث، ليكتشف الى اي مدى تتشارك هذه الحياه الفطرية الغامضة مع حياتنا ومع كل كائن حي اخر على الارض. ولكي نعرف القصة التى لم تحكى عن كيف شكلت الفطريات جميع الحياة على الارض، نحتاج للعودة بالزمن مليارات السنين.
الفطريات و بداية التطور
كانت اول حفرية اكتشفت لمشروم في خليج الجاسب في كيبيك منذ اكثر من 160 عام من قبل الجيولوجي الكندي جون ويليام دوسون كانت لنوع مشروم يسمى " بروتوتاكسيتس - Prototaxites" ويعني الطقسوس الاول، لكن عينة "دوسون" التي يفترض انها فاسدة، لم تكن اول حفرية يتم اكتشافها، فقبلها ب 17 عام، عثر " تشارلز داروين" و زميله " جوزيف دالتون هوكر" على بقايا مماثلة من الصخور الديفونية في اسكتلاندا، ولكن للاسف العينات كانت مفقودة حتى 2012.
نحن نعرف الان ان الفطريات هي اول الكائنات الحية تاتي على الارض، ففي جنوب افريقيا ، وجد في رواسب الحمم البركانية حفريات لميسيليوم، تعتبر اقدم سجل لكائن حي متعدد الخلايا على الارض، فمنذ اكثر من 2.4 مليار سنة، بدأوا بتحطيم الصخور لاستخراج وجبة من المعادن، وهذه العملية هي التي جعلت سطح الارض داعم لحياة النباتات ، عن طريق تحويل السطح البيلوجي الصخري الى تربة.
عندما ورثت الفطريات الارض
في العصر الديفوني، منذ اكثر من 420 مليون عام، لم تكن هناك أشجار، الحيوانات الوحيدة التي تعيش على الأرض كانت اللافقاريات، كان شكل الطبيعة عبارة عن (بروتوتاكسيتس) يبلغ ارتفاعه 9 امتار، كانت وقتها الفطريات اعمدة تقزم مناظر الطبيعة حولها . وعندما قضت التاثيرات المدمرة للاصطدامات الكويكبية التي حدثت في التاريخ البيلوجي على 70 في المائة من الحياة على الأرض، نقص ضوء الشمس و الحياة النباتية التي لم تموت عند الاصطدام بدات في التحلل، مما يخلق ظروفًا لانتشار الفطريات بسرعة.
وفقًا لبحث أجراه الدكتور فرانسيس هوبر من مؤسسة سميثسونيان ، فإن البروتوتاكسيت قد واجه نهايته على أيدي الحشرات المتطورة ، التي بدأت في استخدامها كمصدر للغذاء.
الفطريات تأكل الموت
لولا نشاط الفطريات، يمكننا القول انه كان سيغطي سطح الارض باكمله كتل من المواد العضوية صعبة الهضم، فعن طريق الانزيمات التى تفرزها ، تهضم المادة التى تنمو فيها، فالانزيمات هى اسنان و مخالب الفطريات ، باختصار، تأكل الفطريات الموت، وبذلك تخلق حياة جديدة، إنها الطريقة التي يولد بها كل شيء من جديد، إنهم يكسرون المواد العضوية الميتة ومن خلال القيام بذلك يطلقون العناصر الغذائية ثم يتم توفير هذه العناصر الغذائية للنباتات لمواصلة النمو، بحيث تكون كامل شبكة الحياة متصلة، و تكون متصلة من خلال الفطريات.
عالمنا دائما ما يتغير، ليس للافضل او للاسوأ، لكن لأستمرار الحياة، وستستمر الفطريات في التطور بطرق غير متوقعة، ان نتجاهلها هى فرصة ضائعة وخطأ فادحا، فالبشر تسيطر عليهم فكرة اننا ارقى الانواع، واننا على قمة السلسة الغذائية، وان الغرض الاساسي من المحيط الحيوي هو دعمنا، هذا الوهم بالتفوق البيلوجي سبب معاناتنا، لانه سبب الانانية التي تغشينا
لقد كانت الفطريات منذ فجر التاريخ حجر الزاوية لتطور الحياة على الارض، خلقوا التربة باكل الصخور، و غذوا النباتات، وخضروا الكوكب، هم من اعادوا الحياة للارض بعد كل كارثة حدثت لها، و مهدوا الطريق للحضارة وجعلتنا ما نحن عليه الان، وبينما نحن في طريقنا لاستكشاف مملكة الفطريات هذه، مازال اكثر اكتشافاتنا غرابة قادما.